حكم استعمال اللواصق الطبية للصائم

بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال : ما حكم استخدام اللواصق الطبية للصائم ؟

الجواب : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . وبعد :

فإن استخدام اللواصق الطبية من الوسائل التي يرجع فيها إلى أهل الاختصاص في الطب لتصور ماهيتها وطريقة عملها في الجسم وتأثيرها فيه ، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره كما هو مقرر عند أهل الكلام .

وأهل الاختصاص يفيدون بأنها اللواصق جلدية تحتوي على مادة دوائية علاجية أو وقائية توضع على الجلد؛ لتوصل للجسم جرعة محددة عبر الجلد  لتصل إلى الدم ، دون المرور على الجوف .([1])

وللحكم على  هذا الشيء هل هو من المفطرات أم لا ، لا بد من معرفة هل ما تحمله هذه اللواصق من الأعيان هو أكل أو شرب أو في معناهما أم لا ، وهل هذا العمل ينافي الحكمة من الصيام أم لا ؟

واللواصق الطبية موضوع السؤال كما هي أفاد الأطباء ليست أكلا ولا شرباً ، لأنها تحمل دواءً ينفذ من الجلد ولا دخل له بمسالك الأكل والشرب كالفم والمعدة والأمعاء.

وأما هل هو في معنى الأكل والشرب ، فهذا يختلف من لصقة إلى أخرى ولا بد هنا من التفصيل فمن اللواصق ما هو مغذ ونها ما هو غير ذلك .

وعليه : فما كان منها مغذيا بحيث يقوم مقام الأكل والشرب فالصحيح أن هذا يفطر الصائم كالحقن المغذية التي تعطى للمريض عبر الوريد .لأن كلا الوسيلتين تؤديان إلى نتيجة واحدة.

وإن كانت هذه اللصقة لا تغذي وإنما تسد الشهية مثلا ، أو لها علاقة بالهرمونات أو الأعصاب أو تسرب دواء غير مغذ إلى الدم فإن هذا لا يفطر لأنه بعيد عن معنى التغذية ، مثله مثل الحقن الدوائية الأخرى التي تواطأ العلماء المعاصرون على عدم إدخالها ضمن المفطرات .

وبعدم الفطر باللصقات أخذ مجمع الفقه الإسلامي في قراره رقم 99/1/د10، حيث قرر أن ما يدخل الجسم امتصاصًا من الجلد؛ كالدهونات، والمراهم، واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيمائية: لا تفطر الصائم([2]).

وكذلك ندوة “رؤية إسلامية لبعض المشاكل الطبية” المعقودة في الدار البيضاء في صفر 1418، أخذت بهذا القول([3]).

وأما هل هذه الوسيلة منافية للحكمة من الشارع ؟

فقد ذكر بعض العلماء أن الحكمة من الصيام هو الشعور بالجوع والعطش ، والحق أن الحكمة هي تحقيق تقوى الله سبحانه وتعالى كما قال تعالى : ( يا أيها الذي آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) [البقرة : 183]، وإنما تتحقق التقوى لأن الصيام يضعف البدن مما يضيق نزوات النفس ومداخل الشيطان ، ويشعر الإنسان بنعمة الله عليه ، ويحس بغيره من الفقراء المحرومين ، وغيرها من الحكم التي ذكرها العلماء .

وعليه فإن الذي يضع اللصقة على جسمه ويذهب معه الشعور بالجوع والعطش فإنه يكون أهدر المعنى المقصود من الصيام وهو التضييق على نزوات النفس ومداخل الشيطان التي تتحصل بها التقوى .

لكن هذه الحكمة لا يعول عليها في الأحكام الشرعية ، إذا أن الأحكام الشرعية تحال إلى العلل وليست إلى الحِكَم حتى تنضبط هذه الأحكام  لأن من صفات العلة أن تكون منضبطة أما الحكمة فلا تنضبط في الغالب .

وغاية ما يقال في هذا الباب أن هذه الوسيلة مكروهة في حق الصائم لأنها تنقص الأجر وليست من المفطرات ، لأن الأجر على قدر المشقة.


([1]) يمكن مراجعة بحث اللواصق الطبية، : أ.د. جمال بن صالح الجار الله، أستاذ طب الأسرة في كلية الطب بجامعة الملك سعود، ود. محمد بن جابر اليماني، أستاذ مشارك الصيدلة الأكلينيكية في كلية الصيدلة بجامعة الملك سعود. ومن بحث مختصر كتبه أ. د. محمد رضوان عرفه، نائب مدير مركز الملك فهد لطب وجراحة القلب.

وهما بحثان تم نشرهما ضمن حلقة النقاش الفقهية عن اللواصق الطبية وأثرها على الصيام المعقودة في الرياض الخميس 27/8/1429.

([2]) انظر: مجلة المجمع (ع 10، ج 2، ص 454).

([3]) انظر: فقه النوازل (2/300).

الأرشيف

حكاية الاتفاق في حق الفطر للمرضع
دخول الغبار إلى جوب الصائم