السؤال: هل يشترط الموالاة بين الصلاتين في الجمع ؟
الجواب : اشترط جمهور أهل العلم لصحة جمع التقديم بين الصلاتين أن لا يُفرق بينهما بوقت طويل، وذكروا أنه إذا طال الوقت بطل الجمع ويجب تأخير الصلاة الثانية إلى وقتها، جاء في الموسوعة الفقهية: الْمُوَالاَةُ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ، قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ـ تُشْتَرَطُ الْمُوَالاَةُ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ بِأَنْ لاَ يَفْصِل بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ طَوِيلٌ، لأِنَّ الْجَمْعَ يَجْعَلُهُمَا كَصَلاَةٍ وَاحِدَةٍ فَوَجَبَ الْوَلاَءُ كَرَكَعَاتِ الصَّلاَةِ أَيْ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا كَمَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الرَّكَعَاتِ فِي صَلاَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ فَصَل بَيْنَهُمَا بِفَصْلٍ طَوِيلٍ وَلَوْ بِعُذْرٍ كَسَهْوٍ، أَوْ إِغْمَاءٍ بَطَل الْجَمْعُ وَوَجَبَ تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى وَقْتِهَا لِفَوَاتِ الْجَمْعِ، وَإِنْ فَصَل بَيْنَهُمَا بِفَصْلٍ يَسِيرٍ لَمْ يَضُرَّ كَالْفَصْل بَيْنَهُمَا بِالأْذَانِ وَالإِْقَامَةِ وَالطَّهَارَةِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ وَإِنْ طَال بَيْنَهُمَا الْفَصْل مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الأُْولَى مِنْهُمَا. اهـ.[1]
وهذا الذي ذهب إليه بعض الشافعية هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وقواه ابن عثيمين في شرح الزاد، قال شيخ الإسلام في مجموع فتاواه: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بِحَالٍ لَا فِي وَقْتِ الْأُولَى وَلَا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ، وَلِأَنَّ مُرَاعَاةَ ذَلِكَ يُسْقِطُ مَقْصُودَ الرُّخْصَةِ. اهـ.[2]
وقال في موضع آخر: وَكَذَلِكَ جَوَازُ الْجَمْعِ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْمُوَالَاةُ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ. اهـ.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: والأحوط أن لا يجمع إذا لم يوالِ بينهما، ولكن رأي شيخ الإِسلام له قوة. اهـ.[3]
- اشتراط نية الجمع بين الصلاتين :
الجمع بين الصلاتين عمل تجب له النية عند جميع العلماء، ولكن العلماء اختلفوا في وقتها، فمن العلماء من شرط أن تكون عند الدخول في الصلاة الأولى ، ومنهم من اشترط أن يكون أثناء الصلاة الأولى قبل التحلل منها، ومنهم من لم يشترط ذلك، بل لو أتم الصلاة الأولى ثم نوى الجمع جاز ذلك، وهذا القول قواه الإمام النووي في “شرح المهذب”.
وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله:عن عدم اشتراط النية في الجمع والقصر: “وهو قول الجمهور من العلماء، وقال: والنّبيّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لمّا كان يصلّي بأصحابه جمعاً وقصراً لم يكن يأمر أحداً منهم بنية الجمع والقصر، بل خرج من المدينة إِلى مكة يصلّي ركعتين من غير جمع، ثمَّ صلّى بهم الظهر بعرفة، ولم يُعلِمْهم أنّه يريد أن يصلّي العصر بعدها، ثمَّ صلّى بهم العصر ولم يكونوا نووا الجمع، وهذا جمع تقديم، وكذلك لمّا خرج من المدينة صلّى بهم بذي الحليفة العصر ركعتين ولم يأمرهم بنية قصر. وأمّا الموالاة بين الصلاتين فقد قال: والصحيح أنّه لا تشترط الموالاة بحال؛ لا في وقت الأولى ولا في وقت الثانية، فإِنّه ليس لذلك حدٌّ في الشرع، ولأنّ مراعاة ذلك يُسقِط مقصود الرخصة”. الفتاوى(24/ 50 – 54)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع: والصحيح أنه لا يشترط نية الجمع عند إحرام الأولى، وأن له أن ينوي الجمع ولو بعد سلامه من الأولى، ولو عند إحرامه في الثانية ما دام السبب موجوداً. الشرح الممتع
[1] الموسوعة الفقهية الكويتية 39/245.
[2] مجموع الفتاوى 24/54
[3] الشرح الممتع 4/400