أحكام المرأة المعتدة

السؤال : ماذا يحل ويحرم على من كانت في العدة ؟

 الجواب : الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:

فالمعتدة لا تخلوا من ثلاث حالات :

الحالة الأولى : أن تكون معتدة من فرقة طلاق

فإذا كانت كذلك يترتب عليها الأحكام التالية :

  1. يجب عليها أن تسكن في بيت الزوج ويلزم الزوج أن ينفق عليها إذا كان طلاقها رجعيا سواء كانت حاملا أو غير حامل .
  2. ويجب عليها ملازمة مسكنها، فلا تفارقه إلا لحاجة. كأن تحتاج إلى طعام ونحوه، أو تحتاج إلى بيع متاع لها تتكسب منه، وليس ثمة مَن يقوم مقامها في ذلك، أو كانت موظفة في عمل، ولا يسمح لها بالبقاء في بيتها مدة عدّتها، أو كانت تضطر – إزالة لوحشتها – أن تسمر عند جارة لها، فلا يحرم خروجها من بيتها لمثل ذلك.لما روى مسلم من حديث عن – رضي الله عنه – قال: طُلّقت خالتي، فأرادت أن تجُدَّ نخلها، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي – رضي الله عنه – فقال: ” بلى اخرجي، فجُدّي نخلك، فإنك عسى أن تَصَدَّقَي، أو تفعلي معروفاً “.

ودليل ذلك قول الله عزّ وجلّ: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] وقال الله تعالى:

( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ) [الطلاق: 1].

  • ويحرّم عليها التعرّض لخطبة الرجال، إذ هي لا تزال حبيسة على زوجها، وهو الأحقّ والأولى من سائر الرجال. قال الله عز وجل: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً} [البقرة: 228].
  • ولا يلزمها الحداد ولا ترك الزينة .

الحالة الثانية : أن تكون معتدة من فسخ للعقد

وهذه عدتها عدة طلاق على مذهب جماهير العلماء.

قال ابن قدامة : ( وكل فرقة بين زوجين فعدتها عدة الطلاق ، سواء كانت بخلع أو لعان أو رضاع ، أو فسخ بعيب ، أو إعسار ، أو إعتاق ، أو اختلاف دين ، أو غيره ، في قول أكثر أهل العلم . وروي عن ابن عباس ، أن عدة الملاعنة تسعة أشهر . وأبى ذلك سائر أهل العلم ، وقالوا : عدتها عدة الطلاق ; لأنها مفارقة في الحياة ، فأشبهت المطلقة([1]) .

وقال قوم أنه لا ينبغي قياس عدة الفسخ على عدة الطلاق ، قال الشوكاني : (ينبغي أن تكون عدة الفسخ حيضة إن كانت حائضا أو وضع الحمل إن كانت حاملا لأن براءة الرحم تتحقق بذلك ولم يرد ما يدل على زيادة ذلك والبراءة الاصلية تقتضي عدم ايجاب العدة عليها لان التعبد بغير دليل من التقول على الله بما لم يقل([2]).

و جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ( اتفق الفقهاء على أن المرأة المفسوخة باللعان لا تستحق في مدة العدة. نفقة ولا سكنى، لأن النفقة إنما تستحق في عدة الطلاق، لا في عدة الفسخ، وكذلك السكنى ومن قال أن اللعان طلاق كأبي حنيفة يقول بوجوب النفقة والسكنى.([3])

الحالة الثالثة : أن تكون معتدة من وفاة الزوج

وتجب في حقّها الأحكام التالية:

  1. الإحداد على الزوج أربعة أشهر وعشرة أيام :

جاء في الموسوعة الفقهية : (وقد اتفق الفقهاء على وجوب الإحداد على المعتدة في عدة الوفاة من نكاح صحيح، حتى ولو لم يدخل بها الزوج المتوفى بخلاف المنكوحة نكاحا فاسدا إذا مات عنها زوجها ، أما المطلقة طلاقا رجعيا فلا إحداد عليها لبقاء أكثر أحكام النكاح فيها، بل يستحب لها التزين بما يدعو الزوج إلى رجعتها والعودة لها، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.)

 ودليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أُم حبيبة رضي الله عنها. أن النبي – صلى الله عليه وسلم قال -: ” لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحدّ على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً “.

  • ويلزمها في الإحداد أن تمتنع عن مظاهر الزينة والطيب، فلا تلبس ثياباً ذات ألوان زاهية، ولا تكتحل، ولا تستعمل شيئاً من الأصباغ، ولا تتزين بشيء من الحلي: ذهباً أو فضة، أو غيرهما، فإن فعلت شيئاً من ذلك فهي آثمة.

لما روى البخاري ( 307) ومسلم ( 938) عن أُم عطية الأنصارية، رضي الله عنها قالت: كنا نُنهى أن نحدّ على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، ولا نكتحل، ولا نتطيب، ولا نلبس ثوباً مصبوغاً، إلا ثوب عَصْب، وقد رخص لنا عند الطهر، إذا اغتسلت إحدانا من محيضها، في نُبْذة من كست أظفار، وكنا ننهى عن اتّباع الجنائز)

[ثوباً مصبوغاً: مما يعدّ لبسه زينة في العادة. ثوب عَصْب: نوع من الثياب، تشدّ خيوطها، وتصبغ قبل نسجها. نبذة: قطعة صغيرة كُسْت أظفار: نوع من الطيب].

  • ويجب عليها ملازمة بيتها الذي تعتدّ فيه، فلا تخرج إلا لحاجة، كالتي ذكرناها بالنسبة للمعتدّة من الطلاق.والله أعلم

([1]) المغني 8/97

([2])السيل الجرار 1/431

([3]) 5/104 .

الأرشيف

الأحكام المترتبة على الرضاع
أخذ مال الزوجة بدون رضاها